المشهد الأول
غرفة بها سريران .. إضاءة خافتة على وجه غادة وهى نائمة عارية الصدر .. تتقلب فى فراشها .. خلف الفراش شاشة تعرض مشهدا (سينوغرافيا) لغادة وخالد.. بينما عزة تقرأ فى كتاب على مقعد مقابل، بإضاءة غير مباشرة .. غير منتبهة لغادة.
خالد : تعالي سأجعلك تشاهدين منظرا عبقريا.
غادة : أين ؟
خالد : فى غرفتي وقبل أ ن تقولي لا وتصادري على تلك الفرصة .. دعيني أقول لك لا تقلقي .. اتركي نفسك للحظة .. تعالي ولا تخافي.
( على باب الغرفة )
غادة : ها أنا قد جئت ولن أزيد ولا خطوة .. أين هذا المنظر العبقري .. ملابسك الملقاة فوق المقاعد .. إتصل بخدمة الغرف يجدوا لك حلا.
(تضحك يتمايل جسدها يتلقفها بين ذراعيه)
خالد : بل لتجدي أنت الحل .. فما أن رأيتك حتى جرفتني الرغبة فيك وقررت أنك لى ..أرجوك لا تفوتي اللحظة.. دعينا ننعم بتجربة حب .. نعيشها فى جزء غير محسوب من ليلتنا.. دعيني أضمك .. أعلمك كيف تكونين أنثى؛ إذا ما دقت عيون المغرمين بابك أعلمك كيف تذوبين كقطعة حلوى شهية فى فم من يهواك.. دعيني اعلمك كيف تخضع المرأة لسلطان العشق والهوى.
غادة : مؤكد مجنون.
خالد : بل مفتون .. قوليها أنت مفتون وسوف أطفئ لهيب فتنتك في أحضاني أو قولي سوف أشعل أحضاني بلهيب رغبتك المخبأة خلف رموشك.
( ينقض عليها يقبلها .. تطفئ الشاشة وتنتفض غادة فزعة من نومها وتركض عزة نحوها ).
عزة : غادة .. غادة أفيقي ماذا بك ..غرقت في عرقك .. جسدك ينتفض .. كنت تحلمين؟
غادة : ماذا قلت وكيف عرفت أنني أحلم ..هل قلت شيئا أثناء نومي؟
عزة : ( ضاحكة ) ما لك خائفة؛ أكنت تحلمين برجل؟
غادة : هل صدر عني ...... ماذا قلت؟
عزة : لم تقولي .. بل .. بل فعلت يا ما كرة(ضاحكة) يا صديقتي كان علىَّ أن أفهم، فالمرأة لا تفتح صدريتها إلا لرجل أو لترضع طفلا.. وحالك لم يكن كالثانية.. فلمن إذن هذا الصدر العاري.. وتلك التقلبات فى فراشك البارد من أنفاس زوجك منذ سافرنا ؟! أكان هو الذى أسعدته الليلة يا ماكرة..أم أنه كان سعيداً آخر؟
غادة : مجرد كابوس .. أخبريني حقا هل قلت شيئا اثناء نومي؟
عزة : نعم .. قلت .. قلت .. هل من مزيد!!
غادة : يا مجنونة هذه هواجس السفر فتلك هى المرة الأولي التي أسافر للخارج بمفردي، ويالحظي التعس ترافقني مجنونة.
عزة : وما الجديد ..ثم ألم تسافري العديد من المرات مع زوجك؟
غادة : زوجي!!
عزة : هل أنساك صاحب الحلم أنك زوجة .. آهٍ .. ياله من رجل .. سأنام بجوارك الليلة القادمة لعله يخطئ الدرب إلىَّ بدلا منك.
غادة : لو سمعك أحد لقال عنا ساقطتين جئنا للبحث عن رجل ولسنا باحثتين فى أكبر مركز بحوث للبترول فى الشرق الأوسط.
عزة : بل امرأتان بائستان .. انظري إلىَّ هل أنا قبيحة ؟! جسدي هذا المرن الملفوف بطريقة أشهى من لف ورق العنب ألا يغري على الإلتهام !! فلماذا إذن يتجاهله زوجي .. ودائما هو فى حالة رجيم؟
غادة : جربي له الكرنب.
عزة : يبدو أنه تعود على محشي ورق الجرائد الذى كانت تعده والدته أيام الفقر.
غادة : مازلت تعايرينه بفقره وثرائك .. أنت بلاء ولست امرأة.
عزة : أليست الحقيقة .. هو نفسه لم ينسى أنني من أسرة غنية.
غادة : قصدك أرستقراطية.
عزة : وأنتم ألستم برجوازيين .. الفرق بينه وبينى طبقة هو أنت ( ضاحكة) أخرجي يا خائنة من بينى وبين زوجي ( مقطبة) المسألة ليست غنىً وفقرا .. المسألة أبعد من ذلك بكثير يا غادة .. المسألة أن رغبته فى الثروة فاقت كل شىء .. علت على كل شىء .. حتي أنه لم يعد يراني من خلف سور شهوته للمادة .. ضاع الحب الذي جمعنا .. ضاعت الأيام التي تسكعنا فيها معا نأكل سندوتشات الفول والطعمية والكشري.. الأن زوجى لا يقربها (ضاحكة) أحيانا يفطر"سيمون فيميه" وحياتك.
غادة : مجنونة أحلى مجنونة.
عزة : بل مفتونة.. مفتونة.
(تصمت غادة وتنظر لعزة بحدة ثم تقول:)
غادة : سألتك منذ قليل ألم أقل شيئا فى الحلم؟
عزة : قصدك الكابوس الرجالي اللذيذ..آآه.. لا لم تقولي بل ..بل فعلت يا ماكرة (تقولها وهى تطوق خصرها وترقص بها ضاحكة ثم فجأة تتوقف وتسألها): ألن تحكي لى؟
غادة : كابوس مجرد كابوس.
عزة : أو أمنية ؟!
غادة : (بإنفعال) لا..لا (تقولها وهى تدفع بيدها أحد غير موجود).
عزة :
غادة : غادة هذه فرصة لا تتكرر لنا في مصر؛ فنحن دائما منشغلتان ؛ولم نعد نحكي همومنا لبعضنا .. ماذا حدث بينك وبين زوجك مؤخرا ؟!
لم يحدث.
عزة : كنتما متحابين لم تفترقا منذ زواجكما و منذ خمسة أعوام بدأت تذبلين ماذا حدث؟!
غادة : لم يحدث شىء ولن يحدث شىء.. أنا أحبه وهو يحبني .. ولكننا .. لكنه (متداركة) قلت لم يحدث شىء.
عزة : وقلت أيضا ولن يحدث شىء !! أي شىء تريدين نفى حدوثه .. تكلمي نحن بمفردنا.
غادة : ( متضاحكة) لسنا بمفردنا معنا شيطان.
عزة : (منتفضة بخبث ملتصقة بها) يٌخرب بيتك دخيلك الله، أعوز بالله منكما معا.. ( بهمس) وهل الشيطان هو الذي كان معك بالأمس وفتحت صدر قميص نومك على مصراعيه لأجله يا أبليسة (تعود جادة ) عموما عندما تتذكرين أنني صديقة الثانوى والجامعة القديمة .. أقصد رفيقة العمر .. أطلبي تجدي ما يسرك (ساخرة) كلي أذن وليس لدى عضو في منظومة جسدي أكبر من أذني ( هاي فاي ..سكتوم بكتم ياستو هانم.. أي والله).
غادة : أراجوز أنت أراجوز.. أأنت باحثة في مركز دراسات بترولية.. لا أصدق!!
عزة : (بتهكم) والله ذكرتني بالمؤتمر الذي جئنا لأجله ظننته أنتهى.. يا أبنتى أفيقي أمامنا ثلاثة أيام فقط فى الأراضي السورية – وبالكِ بنمرق عابيروت .. وما أدراك ببيروت ورجال بيروت .. أقصد شياطين بيروت.
غادة : فى كل الدنيا يقال نساء بيروت وأنت تقلبين الدنيا.
عزة : أنقلبت خلاص .. هيا بنا نلبس ملابس خفيفة ولكن بها هدوم لو سمحت فالشياطين لهم عيون زائغة وأنت اسم على مسمي.
غادة : سأفعل بشرط .. أن تبتلعي لسانك حتى نخرج.
عزة : لن أتكلم حتى يتصل د. خالد ويدعونا للنزول إليه
(موسيقى حادة ثم صمت وإضطراب على وجه غادة).
غادة : ( بهمس) خالد وهل يجيئ ؟!
عزة : نعم .. هكذا قال بالأمس .. بعد أن ننتهي من المؤتمر سيمر علينا هو وولاء حتى نخرج للفسحة اليوم .. أنسيت ثلاثة أيام لقلوبكن .. هكذا قالها وهو ينفخ سيجاره الرفيع وعيونه العسلية الدافئة اللامعة تكاد تقفز فرحا وبهجة و....هايه.. هايه غادة ماذا بك ؟ أين ذهبت؟!
غادة : (مرتبكة) لا داعي لخالد تكفي ولاء أرجوك ياعزة.
عزة : لماذا هل حدث منه شىء ضايقك؟
غادة : لا .. ولكن لا داعي له.. أرجوك تصرفي.. اتصلي به .. اعتذري .. قولي له سنشتري أغراضا وتكفي ولاء.
عزة : أغراض حريمي .. هذا أدعي لأن يأتي جريا.
غادة : (صارخة) عزة أرجوك.
(عزة تنظر لغادة متعجبة ومستفهمة وقد تعطي إنطباع بأنها فهمت).
صوت داخلى لغادة: (غادة تدير وجهها بعيدا عن عزة) ماذا أقول لك يا عزة .. أنني كنت أعتقد نفسي قوية صلبة لا يهزمني إنسان ولا يستطيع الأقتراب من منطقة مشاعري .. ماذا أقول وقد اكتشفت أنني كيان هش .. إنهار من مجرد نظرة .. هل يكفي الإنسان ليعرف نفسه على حقيقتها أن يصطدم مثلى بهذه اللحظة .. أن يتعرى عن وهم عاشه طويلا . .مجرد وهم..وهم(مرتعشة ناظرة إلى الفراش).
غادة : خالد لا.. لا .. أرجوك.
عزة : كان شيطان الأمس .. أحببته ؟! متى ؟ كيف؟! لم أتركك لحظة واحدة لقد جئنا منذ أربعة أيام فقط أجيبيني؟
صوت داخلى لغادة: كل شىء قابل للتغيير والتحول .. هل تصدقين أنني قد أتحول .. ماذا أقول لك؟
عزة : لماذا أنت صامتة .. تكلمي ماذا حدث ولا أعرفه؟!
غادة : (باكية) قلت لك كٌفي وإلا لن أخرج من الفندق
عزة : (مقتربة منها تضمها ) أنت يا صديقتي مليئة بالأسرار ولن أضايقك ( محاولة الضحك وبلهجة صعيدي) ولو أضطررت أخلص لك عليه.. هنطخه.. لكن بصراحة شديدة شيطان إنما رجيم أي والله رجيم جدا جدا.
( تدفعها غادة وتقذفها بالمخدة )
إظلام
المشهد الثانى
المكان : كافيه طراز عربي .. تخت شرقي.. بخور.. حضور قليل من الجمهور.. تجلس تغريد تغني أغنية حزينة شجنية(سيرة الحب)لأم كلثوم ويجلس فى المنضدة المقابلة لها غادة ،عزة،ولاء، .. إضاءة خافتة عليهم وتغريد تغني فى دائرة الضوء.. ثم تزداد الإضاءة على منضدة غادة ويخفت صوت تغريد وكذلك الإضاءة عليها.
غادة : ما أحلى صوتها.
ولاء : تغني من قلبها..الله لا يسامح من حطمه لها.
عزة : غٌدرت فى حبها.. يبدو عليها ذلك.. صوتها يبكي أكثر مما يغني. آهٍِ كل يبكي على معتزاه
غادة : وماذا به معتز.. برقبتك يا أرستقراطية.
ولاء : من معتز؟
غادة : زوج الهانم رجل مهذب ومكافح ليس ابن بشوات ولا سليل عائلات أناضولية .. تستطيعين اعتباره ثريا عصاميا ومن غفلته يعشق هذا الكائن الجالس جوارنا. (تشير نحو عزة).
ولاء : مازال فى مصر هناك طبقات .. أعتقد أنتهى هذا الزمن.. ما عاد هناك باشا ولا بك..خاصة بعد أن أصبح؛ سائق التاكسي يقولون عليه باشا والسباك باشمهندس ..والله ضاعت كل الألقاب والمسميات فى وطننا العربي اللقب الأن لصاحب "المصاري" ولا يٌمنح إلا لمن معه أكثر من مليوني دولار أو يورو.
عزة : بس ..هس.. حاقدتان اسمعن هذا البلبل الحيران.. بدلا من الحقد والحسد لما تبقى من طبقتي (المأرورين) عليهم .. ثم أيها الحاقدتان..سنظل موجودين.. نحن ِكريمة المجتمع لن تعيشوا بدوننا.. من ستقلدون.. على من ستحقدون.
(تتركهم وتغني مع تغريد ..طول عمري بقول لاأنا قد الشوق وليالي الشوق ولا قلبي قد عذابه ..عذابه .. تنظر لغادة التى تترتبك وتلتفت لتغريد..ثم يسود الصمت على المنضدة وتخفت الإضاءة ثانية وتركز علي تغريد ويعلو صوت الغناء إلى أن تنتهي تغريد وتنضم إليهم).
تغريد : هلا بالأحباب من مصر.
غادة : صوتك رائع وقوي وحنون...
عزة : (مقاطعة) وناعم ومؤثر و..... وعزة مهندسة ديكور.. أقصد بترول .. متزوجة ولم أنجب إرادة الله أن ترث الجمعيات الخيرية والكلاب الضالة ثرواتنا.
تغريد : (مذهولة) أهلين.
ولاء : مهندسة عزة تعشق روح المرح هى فاكهة المؤتمر هذا العام .. أما زهرة المؤتمر فهى المهندسة غادة هادئة كالنيل نسمة عذبة من مصر.
غادة : شكرا ولاء والله غمرتونا بحبكم.
ولاء : ولو غادة خانوم بتتركون مكانكم فى قلوبنا وللأبد.
عزة : طبعاً الست زهرة أقصد غادة دائما تسرق الأضواء مني حتى فى سوريا يا رب ماذا أفعل بها..المهم يا تغريد يا بلبل لبنان الحيران لماذا صوتك حزين كأنك أحببت و .....
تغريد : (تنظر لولاء وتبتسم إشارة لأنها حكت لهما) الله لا يوفقه .. خًّرب حياتي وهرب منهاالجبان .. لكن الدنيا لا تتوقف كله يسير حتى لو تركت (بيت ماري) وسكنت (حماة).
غادة : أين بيت ماري ؟
تغريد : ببيروت بالجبل .. بتاخد العقل والروح .
عزة : لم تذهبى لبعيد كله وطن عربي .
غادة : متنهدة إلى حين.
عزة : لا .. لا سياسة الله يرحم والديك كفانا تلك الجلسة الجافة .. سياسة هذا ما ينقص سهرة حريمى جداً كسهرتنا.
( تدخل الجرسونة تضع المشروبات تنظر لعزة وتبتسم ).
تغريد : سامحونا والله ضيافتكم علي راسي اليوم .
الجرسونة: خلي عنك تغريد خانوم الضيافة والتحلية والمزاج إذا بدكم.
ولاء : (دون أن تلتفت لكلامها) .. دخيلك يا عزة خانوم اطلبي ما بدالك والله لو لبن العصفور .
عزة : هو لو العصفور ذاته يبقى ألطف.
الجرسونة: "يا دلي على مصر وريحها الطيب"
غادة : كأنها لم تستمع إليها – عزة تحب الضحك يا جماعة هذه الجملة جلسة جافة يقولها الرجال عندما لا يكون هناك امرأة فى الجلسة .. وهى غاوية تقلب الأوضاع وأخشي أن تُفهم خطأ وتقع فى مشاكل بسبب ضحكها .
ولاء : آه .. عشنا عمرنا كله يا غادة نخاف نضحك .. نمزح .. نمرح حتى لا نُفهم خطأ وها هو العمر يمر دون أن ندري.
عزة : ما أروعك يا صوت عقلي كتلة مبادئ متحركة .. غادة تمثل العقل في حياتي وحياة الآخرين يا جماعة .
تغريد : وأنت شو بتمثلي لها ؟!
عزة : أمينة رزق أو يوسف وهبى : شرف البنت زى عود الكبريت يولع مرة واحدة .. لا .. لا القصري ( يتمنعن وهن العاوزات( (تقلده فيضحكن ضحكات عالية)
غادة : مجنونة.
عايدة : والله فكت عن قلوبنا .. الله لا يحرمك ضحكتك وخفة ظلك يا عزة
تغريد : أحلى شئ أن يعيش الإنسان بلا مشاكل، والله بتحلى الدنيا .
عزة : ومن فى الدنيا بلا مشاكل يا تغريد كلنا : ممسوسات بالهم ويسكن الحزن فينا.
تغريد : الله شاعرة أنت ؟
غادة : تكتب الشعر وترسم على الحرير وتنحت الأخشاب .. أصلها من الطبقة الارستقراطية الحقيقية .. وليسوا أغنياء الحرب .
تغريد : والله بلا سيرة للحرب لا تذكروني ببيروت وما صار فيها .. الله ينتقم من كل الذين هددوا أمننا وسرقوا ضحكتنا سرقوا صوت الغناء .. أحالوا عبق لبنان لرائحة موت وفراق.
عزة : لا وحياتى عندكن .. بلا نكد .. هيا نلعب " ورق" نذهب للكازينو نلعب قماراً حتى.. ولكن لا سياسة .. لا نكد ويكفى ألا رجال .
(الجرسونة على الطاولة الاخرى تضع المشروبات تتركها عند سماع الجملة الاخيرة فهى تتصنت عليهن كلما جاءت بجاورهن .. تلقي الصينية وتركض نحوها مقدمة وردة كانت فوق الطاولة المجاورة هاتفة)
الجرسونة: تحت أمرك يا خانوم .
تغريد : (صارخة فيها ) صفا جُننت .. هيا اذهبي لبعيد بلا مسخرة.
غادة : هل رأيت هذا نتيجة ضحكك (غاضبة ) ثم.. ثم أنا لا أعرف لعب الورق و هيا نتمشى بعيداً عن هنا.
عزة : فاشلة ( ضاحكة ) نلعب " سبن ذا بوتل " (تنظر للجرسونة نظرة حادة متعالية).. تعالي يا أنتِ.. صفا اسمك صفا أليس كذلك؟
الجرسونة: بأمرك يا خانوم .
عزة : ( تمد يدها بزجاجة ماء ) .. اسكبي هذا الماء وهاتي الزجاجة فارغة .. ثم (كمن تهمس) لا داعي لأذنيكِ الطويلتين هذه معنا .. أخشى أن يفرغ صبري فأقطعها لكِ .
الجرسونة: تمد يدها نحو أُذنيها وتأخذ الزجاجة وتخرج فوراً .
(جميعهن ضاحكات ) عندما تعود ممسكةً الزجاجة بيد واليد الأخري فوق أذنها .. رافعة كتفها تحمي الأذن الأخرى .
ولاء : ماذا سنفعل بها ؟
( الجرسونة تنتفض خائفة ثم تجري بعيدا).
عزة : (ضاحكة) طبعا تقصدين الزجاجة، سنديرها هكذا وعندما تقف فوهتها باتجاه إحدانا جميعاً نسألها فى كل ما يحلو لنا والإجابة بسرعة وبصراحة .
تغريد : جميل يعرفها نقول عليها " دبوسة " كالتوانسة أو لعبة الصرحة ولكن لكي تكون اللعبة أحلى هيا بنا على بيتي نكون براحتنا ولا حدا يضايقنا ويتطفل علينا.
ولاء : لا نذهب لبيتي أنا .
غادة : حجرتنا بالفندق.
تغريد : أنا صاحبة الاقتراح .. أنا من يكسب ( تقف لحسم للموقف )
ستار
المشهد الثالث
المكان : بيت تغريد حجرة تدل على الطرز السورية بها جرمافون فوق طاولة دائر على أغنية قديمة بجواره كنبة عربي ومنضدة صغيرة فى الوسط وهن يجلسن على جلسة عربي صوت ضحكاتهن تملأ المكان وصوت عزة يهتف السهم على تغريد .. يضاء المكان .
غادة : سعيدة فى سوريا ؟
تغريد : حضن دافئ اختبئت فيه بعد صقيع الهجر والخوف الذى هربت منه بعد أن تركت لبنان، والإنسان إذا استطاع أن يغمض عيونه مؤكد بيكون سعيد .
ولاء : تفكرين فى العودة ؟
تغريد : مؤكد الخالة لا تُغني عن الأم ورغم قرب الملامح واللهجة والجو العام(تُغني مقطع من أغنية نسم علينا الهوا حتى مقطع خدني على بلادي لفيروز)
عزة : مازلت تحبين من خدعك ؟
تغريد : من يعرف الحب أبداً .. أبداً لا يعرف الكراهية ( تُغني أغنية للطيفة – عشقتك هويتك كرهتك نعم .. يا كدبة إلى يا تمثلية بطلها الألم .)
غادة : لكنه خدعك !!
تغريد : بعرف وبعرف مع من هو الآن وماذا يقول لها، وكيف يتلمس يديها ويهمس لها خلف أذنها .. بعرف وبغضب وبهرب لكنني أحببته وليس بالضرورة أن يحبني.
عايدة : هذا منطق ضعيف .. هل تعودين إليه ؟
تغريد : ( تُغني )أنا لن أعود إليك.
عزة : ألم تمري بتجربة أخري بعد فراقك عنه (متنهدة) بمعنى آخر ألم تبحثي عن بديل يطفئ جذوة حبه يا بلهاء ؟
تغريد : ( ضاحكة ) مشكورة على السباب ولكن الحب لا يُبحث عنه يا عزة .. هو ابتلاء يصيب القلب ولا نعرف متى يُرفع عنا وياليته لا يُرفع .. فالعذاب يلهب مشاعر ووجدان الفنان .. ثم هو الخاسر ( تقف وتضع يديها فى وسطها مستعرضة نفسها ثم بالهجة المصرية تقول): وحشة أنا .. دا أنا قمر .
عزة : نجحت براءة يا فنانة ( تدير الزجاجة ثانية المؤشر على غادة ).. آه وقعت فى شر أعمالك .
غادة : الأسئلة من المقرر يا عزة .. لا داعي للاحراج .
(ضحكات الجميع تقطعها رنات محمول ولاء)
ولاء : لحظة يا بنات بإذنكم .. ألو .. أهلا عصام .. موجوده .. مع رفقاتي نمرح بعض الوقت .. لماذا يا أخي وهل المطلقات محكوم عليهن بالحبس بعد الساعة ثمانية أي والله قالت لي .. شكراً يا عصام ما بدي .. وحتى لو كان يقذف بالمصاري فى البحر من طلعة الفجر وحتى المساء .. ما بدي زوج أم لأولادي .. فهمتني .. ما بدي وبيكفي كلام بلا طعمه .. غدا فوت على البيت نتكلم إذا بتريد .. مع السلامة يا أخي.
تغريد : عريس جديد ؟
ولاء : متأففة نعم .. نعم .. هيا شباب نكمل اللعبة والله أعجبتني.
عزة : شباب وليس شابات طبعاً ما كل واحدة فينا شنب بلا رجل.. أمري لله صحبه والسلام أحسن من قعدة الفندق ( تضحك وتتمايل نحو غادة ثم تنقض عليها بالسؤال) لماذا أنت ساهمة منذ دخلنا سوريا ؟ أو منذ خرجنا من مطار القاهرة ؟
غادة : شيطانة ( مكملة ) لا شئ بلاد جديدة ووجوه جديدة .. وغربة بعيداً عن الأهل ( تنزل الشاشة خلفها وتعرض مشهد لقاء خالد بغادة فى المطار والإنبهار المتبادل بينهما والذي صارت بعده غادة مأخوذة به.. المشهد يجب أن يكون عكس ما تقوله غادة.. تبتسم وتقول بعد انتهاء المشهد) : فقط هذا كل شئ .
ولاء : سعيدة مع زوجك ؟ : وهل هو زواج عن حب أم تقليدى ؟!
غادة : سؤال واحد فقط هذان سؤالان .
ولاء : سامحينى .. لن أسألك فى الدورة الثانية
غادة : سعيدة جداً ( الشاشة خلفها تحكى عكس ما تقوله .. الزوج غائب عنها تجلس وحيدة في الأماكن العامة .. تأكل بمفردها .. الزوج يتشاجر بسبب تأخر الحمل ) – مستكملة – أننا ننتهي من عملنا ونتقابل على شوق للغداء إما بالبيت أو بالخارج فُسح ورحلات .. نحن بلا أطفال .. زوجي لا يريد أطفال حتى الآن حتى ننعم بحبنا .
تغريد : ماذا يعمل زوجك ؟
غادة : مهندس ورجل أعمال.
عزة : غاضبة مني يا غادة لأنني دائماً أقحم نفسى فى حياتك ؟
غادة : لهذا خُلقوا الأصدقاء وأنت صورتي التي أتمناها.
ولاء : كيف ؟
عزة : انتهى سؤالك يا ولاء لقد سألتي مرتين .. سؤالين فى واحد .
غادة : دعيها يا عزة استثناء .. نحن فى بلدهم .
ولاء : ولو غادة خانوم على رؤوسنا أنتم وبالعيون نحميكم .. نمزح معك أيضاً الفضول دفعني للسؤال .
غادة : عزة صريحة .. واضحة .. أبيض أو أسود مشاعرها جريئة لا تخبئ إن أحبت أعلنت وإن كرهت لا تخاف.
تغريد : المصاري بتقوي القلب يا بنات.
عزة : يجوز ولكن – هيك ربيت – ألا تقولونها هكذا .. رغم أنني ولدت فى عائلة أرستقراطية جدي لأمي كان باشا وجدي لأبي كان رجل من رجال مجلس النواب .. لدينا ممتلكات كثيرة إلا أنني كنت أجد راحتي مع البسطاء ممن يعملون لدينا .. كان دائماً هناك ما يقولونه ولم تكن أمي ولا أبي يمنعاني فلم نكن من طبقة الزوات المتعجرفين، أُناس عاديون فقط معها ألقاب ومصاري – تضحك – مصاري هو أنتم لم يكن عندكم نقود قبل أن تأتيكم المصاري المصرية .. أرأيت سأعود للنزعة العرقية .. هيا على من الدور .. من التالي.
تغريد : أنا وهذا هو سؤالي الأخير لغادة خانوم لماذا تعيشين بشخصين .. هكذا ظهر فى كلامك ؛قلت عزة صريحة وواضحة إذن أنت غير هذا ؟
غادة : آه يا تغريد .. أشياء كثيرة تجعلنا نخبئ رغابتنا فى البوح بالحقائق .. منها عيون الناس .. كلامهم .. وعد قديم قطعناه .. اسلوب تربية أنا من الطبقة المتوسطة أو البرجوازية كما تقول عزة فلوسنا على القد .. نأكل، نشرب، نلبس ونتعلم فقط والقليلون منا ممكن يصبح لديهم دفتر توفير أو حساب صغير، يحميه من الحاجة والفقر ورغم هذا لابد أن نظهر بمظهر يفوق مستوانا ( مقلده صوت أمها )الدنيا مظاهر يا ابنتي ( تنهض تغريد وتقدم لهن مشروبات أثناء الحديث ) اننا نختبئ من أنفسنا.. من أي شئ .. تعودنا أن ينكر الأب نفسه من صديق، ويقول لنا: أنا غير موجود هكذا تقولون لمن يسأل عني .. ونكذب بأمره ولكن إذا كذبنا عليه هو بعد ذلك نُعاقب لأن الكذب حرام .. إننا طبقة لديها فصام نفسي لا هى ارستقراطية و لا هم فقراء، ومع ذلك أعتقد أنها مشكلة عربية كلنا تربينا بطريقة خاطئة ( تتحرك نحو الكنبة تجلس ثم تستلقي مكملة) :
البنت لا تُصِرح وإنما تُلَمح .. وإذا لم يُفهم تلميحها فهى بنت ناس لا يجب أن تفعل إلا الصبر .. الصبر على ضياع الشباب .. الصبر على البرد ( تتلمس جلدها وتضم ذراعيها نحو صدرها وتهيم ناسية من حولها ) بمعنى أن يسافر الرجل يهاجر أو يهجر ليس مهماً .. المهم كلام الناس(تنهض وتمثل وتخفت الاضاءة على الجميع مع دائرة ضوء حول غادة فقط) .
غادة : مسافر يا ماما طوال الشهر غير موجود، يعود ليغير حقيبة ملابسه ويُبدل الأوراق أو يُراجع البنك .. نسى أنني موجوده نسيني .. نسيني.
صوت الأم: إصبري.
غادة : لمتى .. إنه لا يعود.
صوت الأم: إنجبي طفل يشغلك .
غادة : الأطفال مثل الكتاكيت تريد الدفء كي تكبر وبيتي بارد لا يصلح للكتاكيت وإنما للتجميد فقط .
صوت الأم: أنت بنت أصول وليس هناك من طُلقت عندنا.
غادة : ( فزعة ) طلاق .. لا أريد الطلاق.
صوت الأم: ماذا تريدين إذن ؟
غادة : الدفء .. فقط الدفء .. الدفء ( تبكى ويضاء المسرح) .
عزة : ( تجري إلى غادة تضمها ) : غادة حبيبتي هذه مجرد لعبة .. آسفة أنا السبب هيا نعود للفندق .
ولاء : لا .. سنبقى ليس بيننا غريب .. ألم تقولى منذ قليل كلنا ممسوسات بالحزن؛ والله هذه الجلسة تشبه جلسات الطب النفسى .. والعلاج الجماعى .. كلنا مرضى .. كلنا بحاجة إلى رجل فى حلم.
غادة : ( ترفع رأسها ناظرة ولاء ) رجل فى حلم .. رجل فى حلم .
عزة : ماذا تقصدين !!
ولاء : ( متنهدة ) آه يا عزة كلنا نهفو لرجل غير موجود .. رجل مستحيل .. رجل مشتهى .
غادة : وماذا عنك يا ولاء ؟ لم يأت الدور عليك ولكن .....
ولاء : بلا لعبة .. نفضفض لبعضنا بلا لعبة .. الصراحة ليست عبثاً .. أنا يا " خانوم " امراءة فقيرة ( تنظر لعزة ) ليس لدي ثروة ولا عائلة ثرية .. كلنا فقراء تزوجت من طبيب نسيب أختي وفى شهر العسل أرسلني لشراء " مايوه " حتى نذهب للبحر لنمرح معا ..آه أحب أن تعرفوا فقط أن المايوه لم يكن من قدراتي ولا أحلامي قبل الزواج؛ لهذا ذهبت تسبقني الفرحة ..فبعد يومين سأذهب للمرح مع زوجي.. هذا الذي جاء ليحقق أحلامي البسيطة جدا ..عدت قبل موعدي بساعتين ؛لأجده مع عشيقته فى غرفة نومي .. صرخت .. كتم أنفاسي حبسني حتى هربت وبعدها .. قال : لو أردت الطلاق سأفعل ..ولكن إعقلي إنها مجرد نزوة.
عزة : المجرم طلاق فى شهر العسل .. نزوة في شهر العسل الخائن لو مكانك لقتلته .
غادة : كارثة فضيحة كلام الناس " منه لله ".
ولاء : خفت من الفضيحة ومن كلام أهل الحارة كتمت قهري .. بقيت معه والنتيجة توأم من الذكور .
غادة : انصلح حاله بعدها أليس كذلك ؟!
عزة : ذيل الكلب عمره ....
غادة : ( تنهرها ) عزة خذي بالك.
ولاء : كما قالت لا ينعدل ذيل الكلب ..إلا بقطعه.
عزة : إقطعيه .. انتهي منه ابن ال ....
ولاء : قطعني هو يا عزة .. بعد ما أحب ممرضته تزوجها وطلقني.. بعد عام ونصف من الزواج عدت بطفلين بحاجة لأم .. وملء فم.
عزة : سافل .. سافل.
ولاء : بحثت عن عمل .. وجدت وظيفة .. سكرتيرة للاستاذ خالد .. رجل مهذب محترم " آدمي ابن أوادم " ( تقف وتمثل ) أنزل أولادي عند جيران أمي مقابل أجر بسيط لرعايتهم .. أمي كما تعلمين يا تغريد قعيدة .. أجري إلى عملي ( تجري وتجلس على مقعد كأنها تكتب على ألة كاتبة) تيك .. تيك .. آلة قطعة حديد باردة صرت .. صدئة .. من هنا إلى هناك لا أشعر أنني إنسانة إلا عندما أضم الطفلين .
غادة : ألا ينفق على أولاده ؟
ولاء : لا .. هذا رجل لا يُحب إلا نفسه ولا يعرف الآن إلا أولاده من زوجته الثانية ،علمته الأدب .. لم أري أحد غيرها كفؤا له .
عزة : أنت مكافحة وسوف تنجحين من غير.
غادة : وسوف يرسل لك الله أفضل منه .
ولاء : رجال أعوز بالله لن أفكر فيهم ثانية ماذا أخذت منهم ؟
غادة : زوجك ليس كل الرجال .. هناك آخرون.
عزة : عقدة الرجال .. انتبهي يا ولاء لنفسك اياك والبحث عن رجل يحميك .. بل رجل تحبينه ويحبك الاحتياج يكون للحب.
عزة : لا تبحثي عنه كطفل تائه، ما أجمل أن تلتقيا لا تأتيه ولا يأتيك .. ما أجمل اللقاء وقتها لا عيب فى الفقر أو اليسر.. المال لا يحمي الحب والحاجة لا تحمي الحب..الحب للحب.
غادة : هذا منطق الأغنياء فقط.
عزة : بل منطق الأقوياء والحب قوة.
ولاء : أنا أحتاج للمال كي أعيش.
عزة : مثل أي امرأة .. كلنا نحتاج للمال أنا ورثت الثروة الكبيرة ولكنها أضاعت حبي ومع ذلك لا أكره المال وإن زهدته احيانا لأنه سارق فرحتى سعادتي .. سارق زوجي.
ولاء : إذن كلنا ننتظر الرجل الحلم.
عزة : أنا .. لا .. لا أنتظر غيره رجلي الذي أحببته وأحب هو أن يجاريني ثروة وكلما هرول خلف المال كلما أٌنهك ولم يعد يسمع إلا دقات قلبه اللاهثة نحو المال بينما خبت دقات قلبه التي تنادي باسمي.
غادة : ظالمة .. معتز يحبك .
عزة : يحب المال أكثر .. لكنني لا أريد غيره ولا تخافي لن أغيره ولن أخلعه .. فحياتي لن تكون أفضل من هذا.
غادة : انت تبتعدين عنه.
عزة : هو ابتعد وأنا أكملت طريقي..هناك حكمة لا أعرف من قالها لكنه مؤكد مؤكد حكيم .. قال : إن لم تجدي السعادة فى الحب تجدينها في النجاح والعمل خاصة لمن حرمت نعمة الأمومة مثلي .
ولاء : ألا يجوز أن يكون هذا هو سبب ابتعاده عنك عفوا في سؤالي ؟!
عزة : (ضاحكة بشدة ) هو لا يتذكر أنني لم أنجبختى الأن .. ( ضحكات )
وأنت يا تغريد؟
تغريد : فى هوى حبيبي قد قضيت نحبي ( تغنيها ويفضل لو يكون هناك أغنية شجنية تعبر عن موقفها ).
عزة : أقصد لمتى تعيشين على حلم مات .
تغريد : لأنني لم أجد حلماً يعيدني للحياة .. الرجل الحلم فى الخيال وعذاب الحب يلهب الخيال .. أنا أفتش عنه بين الكلمات العذبة والنغمات الحائرة .. أنا أحب .. أعشق ولكن رجل في الحلم .
غادة : يبدو أننا جميعاً زارنا الشيطان أمس في المنام
عزة : ما دمتي فتحتِ الباب للمصارحة فلماذا لا تنجبين، لعل زوجك ينجذب للبيت ثانية .
غادة : تدافعين عن الحب للحب .. وتطلبين مني رشوة زوجى بالأطفال ليعود لحبي.
عزة : إذن اتركيه دون خوف فالرجل الذي يغيب عنا لا يستحقنا.
ولاء : كثيرا ما سألت نفسي وهل نحن مثاليات .. وهل العيب فينا أم فيهم؟!
عزة : يا ولاء دائما ما يٌحملُ الرجالُ النساء فشل العلاقة والعكس بالعكس.
تغريد : بل دائما ما يحلم الرجل بالمرأة المشتهاه .. امرأة استثنائية غير موجودة إلا في الخيال.
عزة : أو الأحلام.
تغريد : هل مازلت تحبين زوجك يا عزة؟
عزة : رغم هرولته نحو المال؛ ليملأ فراغا داخله بأنه في مستوى عائلتي إلا أنني أعلم أنه يحبني وألا امرأة أخري تملأ فراغ حياته، وأعلم أنه كثيرا ما يتمناني بلا ثروة.. ولا اسم العائلة .. أعلم كم يشتهيي أن أحتاجه ولا أحتاج غيره.. أعلم ياتغريد وأتعذب لأننى حقا لا أحتاج غيره ولا أشتهي غيره .. أنني امرأة صريحة فى مشاعري واحتياجاتي .. لا أقبل المهادنة بين الأبيض والأسود بداخلي كما قالت غادة.. تربيت على هذا وحفر داخلي ..أفعل ما أقول وأقول ما أفعل.
ولاء : وزوجك ألا يشعر كم أنت رائعة؟!
عزة : يعرف (ضاحكة) ولهذا يركض في الاتجاه الآخر دون النظر للذي خلفه حطاما وهو يركض.
غادة : وهل أنت حطاما؟! أنت قوية بما يكفي لتحطيم كل الرجال.. مال ..جمال ..حسب ..نسب.. وثقافة .. أنت المرأة الأستثناء.
عزة : في عيونك صديقتي .. كلنا ضعيفات أو لنا لحظات ضعفنا.
غادة : لهذا تختبئين خلف لسانك الطويل الحاد الذي تسلطينه علينا وتجلدينا به.
(تنهض عزة فى هجوم ضاحك على غادة.. ثم يسمع صوت طرقات منغمة على الباب وأصوات نسائية في الخارج):
أفتحي يا تغريد .. تغريد ... نحن بالباب.. تغريد.
تغريد : آه .. شلة المفسدات جاءت لقد نسيت الأعتذار لهن عن لقاء الليلة.. لا تقلقن بنات من صديقاتي المغتربات هنا.
( تدخل على خشبة المسرح بصخب شديد أربع بنات هن.. نعيمة.. عزيزة .. مها .. سلمى.. تقوم تغريد بتعريفهن:
تغريد : نعيمة(كزبلانكا) مطلقة مرة ونصف كما تقول هي ولا تحب أن تعرف بزوجها ونحن نحترم رغبتها .. عزيزة (زيزى) تعد للماجستير في الإخراج المسرحي بجامعة اللاذقية . مع أنها قاهرية.. مها تونسية متزوجة شاعر سوري .. وأخيرا حبيبة قلبي كالبلد التي جاءت منه .سلمى، نجمة رام الله اللألاءة، مٌهجرة من فلسطين وتقيم بيننا هنا .. عزة .. غادة مهندستان من مصر وضيوف مؤتمر البترول العربي إلى أين؟! .. ولاء تعرفونها مسبقا ..وأعتذر للجميع اليوم كله مرتبك برأسى .. لكنه مؤكد يوم مميز ورائع ..قد كنا نلعب لعبة والأن سنقلبها سهرة حريمى جدا جدا (متنهدة) ثمان نساء بلا رجال..كارثة والله ما بيصير.
عزة : إذن الليلة خمر ونساء وغدا حرب على الأعداء.. الذين هجرونا كقطط بلا فراء.
نعيمة : (مقطبة) الأخت .. ما بها بالضبط !!
مها : ( متداركة للموقف) ع السلامة .. نعيمة بربك ديري بالك .. ضيوف تغريد لا يعرفونك بعد
غادة : (غاضبة) عزة ماذا بك لا داعي لكلام يٌعرفك خطأ للأغراب عنا.
تغريد : رفقا يا بنات .. كلنا نعرف بعضنا منذ ولدنا وكتب فى شهادات ميلادنا أنثى .
عزيزة : لعنة الله عليها( تمثل لقطة بانتومايم لوأد البنات على الطريقة القديمة ثم تقول: والأن .. طريقة أخرى للوأد الحديث وتمثلها ).
نعيمة : تغريد أفضل لو نتركك مع صديقاتك ونعود غدا .. حتى تكن على راحتكن .. أنا اليوم في حالة مزاجية لا تسمح بالتعارف.
ولاء : لا .. لايصير نعيمة .. نحن تشكيلة نساء اجتمعنا صدفة وليس هناك أروع من سهرة تأتي صدفة . هيا تغريد أين المشروبات .. هيا وسعوا الدائرة .. تعالي نعيمة بجواري
نعيمة : إذن(تصمت برهة) المطلقات يجمعن هنا.
ولاء : باقي لك نصف زواج حتى تحصلي على اللقب.
نعيمة : بل باقي لك أنت نصف زواج حتى تكوني مطلقة مثلي مرة ونصف.
مها : ( تجري نحوهن) ممكن مطلقة تحت التأسيس؟
نعيمة : ممكن ثم (تشد عزيزة التى تنفلت منها ).
عزيزة : على مهلك .. أتزوج أولا ولكٌن علىَّ .. سأخلعه وأشرده في المحاكم..
ولاء : لكن يا مها هل حقا ترغبين في الأنضمام إلينا نحن عصبة المطلقات البائسات .. ولماذا تزوجت سوريا (متنهدة) هل هناك من تترك رجال تونس المحكوم عليهم بواحدة فقط .. لسوري من الممكن أن يتزوج عليها أكثر من واحدة؟!
عزة : المحكوم عليه بسجن الزوجية لا يفرق عنده مسجون بسوريا أم بتونس .. هاه .. مساكين الرجال( تضحك)..تلده أنثى وتتلقفه أنثى.. فهل تفرق البلد بعد ذلك!!
نعيمة : أقسم بالله .. أنت .....
عزة : أنا ماذا؟ تكلمي وإلا خربت العلاقات المصرية المغربية الأن.
نعيمة : لاشىء .. لاشىء ( تهز رأسها تعجبا).
ولاء : عزة تعشق المرح .. بمعنى آخر وجهك الآخر يا نعيمة.
نعيمة : لسنت نَكْدية.
مها : ( ساخرة) "ماشومة" بيكفي.
(كلهن ضاحكات ما عدا عزة وغادة تنظران في استغراب)
تغريد : عفوا عزة وغادة نحن رفقات منذ عامين ستعتدن علينا .. (متداركة) آه.. ماشومة تعني نكدية بالهجة التونسية.
عزة : عموما أحب حياة الفرح والترح.
نعيمة : ماذا .. نعم !!!
عزة : ترح من أتراح وإن لم تجديها في القاموس المحيط فهى من قاموسي أنا الخاص ولكنها دائما قرينة الماشومات.
( يرن جرس محمول تغريد .. تنظر فيه .. تضطرب.. ثم تغلقه وتعود عابثة).
ولاء : هو؟
تغريد : ( تهز رأسها).
ولاء : اتركيني عليه .. ماذا يريد "الأزعر".
تغريد : لا داعي غدا يمل.
سلمى : لعله نادما..استمعي إليه مازلت تحبينه(هامسة) هل تعرف ضيفاتك بالقصة؟
تغريد : تعرفن كل شىء.
ولاء : نعم لم تعدن غريبات .. ما رأيكن كنا نلعب لعبة الصراحة أو..( تضحك) ما اسمها ماذا قلت يا عزة؟
عزة : " سبن ذا بوتل".
ولاء : (ضاحكة) هكذا.
تغريد : لا ..هيا نرقص.
عزة : "واو" هيا "صلصه".
سلمى : "تانجو" .
عزيزة : بلدى شرقي.
نعيمة : "سلو" أي رقصة فيها حضن ( تنظر إليهن)
( الجميع مستغربات ).
عزة : الأخت .. ما بها ؟!
(ضاحكات)
نعيمة : ( لعزة) خالصات تقولون في مصر صافي يالبن.
عزة : حليب يا قشدة.
ولاء : نعود للعبة الصراحة.
عزيزة : ماذا لو مثلناها؟
غادة : بحياتي لن أنسى تلك السهرة المجنونة جدا.
عزيزة : أنا المخرجة.
نعيمة : كي تهرب من اللعبة.
تغريد : نبدأ بها حتى نعرف ماذا سنفعل.
عزيزة : نفس اللعبة ولكن تشخيصا.
مها : بلا جمهور؟
عزيزة : نحن الجمهور و"الكومبارس".. نحن كل شىء.
غادة : لا أعرف التمثيل.
عزة : حياتك كلها تمثيل.
( تضربها غادة وتدفعها).
( يرن محمول نعيمة ثم يكف.. ويرن ويكف.. ويرن..وهى لا ترد).
نعيمة : عادي جدا .. زوجي بطل العالم في "الميسد كوول".. لا عليكن .. هاهو المحمول( تغلقه وتلقي به بعيدا) هيا يا زيزي.
عزيزة : (صارخة فجأة بطريقة تمثيلية) لا أحد يقول لي زيزي .. اسمك عزيزة يا بنت الـ.....
(تشير بيديها كمن تدفع بهن .. فيتجمعن جالسات بجوار بعضهن بشكل عشوائي أو هرمي.. وإضاءة على عزيزة التي تبدأ تمثيل دورها)
عزيزة : يا منحلة .. أين كنت حتى المغرب؟ طبعا ألم تُسمي نفسك زيزى !!
(بصوت واهن) لكن....
صوت أمها : إخرسي ( تتكور وتنكمش على نفسها) إذهبي للنوم .. ولا تغضبي أخيك أكثر من هذا .. أثرت أعصابه بما يكفي.
عزيزة : (لقطة أخرى) جائعة يا أمي ( تنهض تتحرك بضعف).
صوت الأم: الأكل هناك خذي قطعة لحم واحدة .. وضعي لأخيك قطعتين.
عزيزة : قطعتان يا أمى.. لماذا لا نتساوى؟!
صوت الأم: أخوك رجل يحتاج للغذاء .
عزيزة : وأنا إنسان .
صوت الأم: لكِ عين تتحدثين عن الأكل والشراب .. ثم أنا نفسى آخذت مثلك قطعه واحدة.
عزيزه : أنا إنسان مثله.
صوت الأم: الرجل غير المرأة يحتاج غذاء اكثر.
عزيزة : ( تعطى ظهرها للمسرح وتبتعد ... ثم تستدير فرحه وتجري للأمام .. مشهدا آخر).
نجحت حصلت على 95 % .
صوت أمها: هندسة.
عزيزة : معهد فنون مسرحية.
صوت أمها: رقاصة !!
عزيزة : فنانة.
صوت أمها: على رأي أخوكِ ألم تُصحبي زيزي غداً تصبغين شعرك وتتعرين وتترقعين لبانه.
عزيزة : يا أمي ......
صوت الأم: أخرسي .. أخرسي.
( مجموعة البنات ) أخرسي.
عزيزة : خرست .. لن أتكلم لن أعارض .. لكن سأفعل ما أريد .. سآكل ما يعجبكم وألبس ما يعجبكم وأعيش بالطريقة التى تعجبنى .
صوت آخر: الطالبة عزيزة عبد الرءوف شاكر، امتياز مع مرتبة الشرف .
صوت الأم: مبروك يا عزيزة يا باشمهندسة عزيزة.
عزيزة : سأسافر للخارج يا أمى.. منحه من المعهد .. قصدي كلية الهندسة سأعد للماجستير.
صوت الأم: لكن آخاكِ ...
عزيزة : هذه فرصتي نحن خمس بنات من الكلية سنسافر معاً ونسكن معاً وكل شئ معا .. لن أعيش وحدي .. أرجوكِ يا أمي إنصفيني ولو مرة واحدة .
( صوت طائرة ) ( وإضاءة للمسرح)
المجموعة تصفق وتهتف " برافو ".
عزيزة : أنا هنا أفعل ما أريد أدرس مسرح أتعلم الإخراج .. أخرج أدخل أسهر.
مها : يالحظك التعس لو شاهدك أحد وعرفك.
عزيزة : لا يهم سأكون قد وصلت لما أريد .. لقد درست سنوات المعهد وهم يعتقدون أنني في كلية الهندسة .. هم لا يريدون الحقيقة .. التمرد يا عزيزتي نتيجة طبيعية جداً للقهر والكذب نتيجة أخري للخوف .. هم السبب.
مها : كان لابد لأمك أن تشعر بكِ!!
عزيزة : أمي تريد ابنتها بجوارها وليذهب العالم للجحيم وأهون عليها أن أموت بجوارها، على أن أتمرد على إخوتي الذكور.
تغريد : خائفة عليكِ من صبغة الشعر وترقعة اللبان(ضاحكة.. تتقصع فى مشيتها).
عزة : لم يكن السليكون وصل لمصر وقتها تقترب منها هامسة : متى تدخلين عالم السليكون يا زيزي .. عندها تصبحين زيزت.
مها : لا .. أمها تريدها " قطوس فى شيكارة ".
تغريد : يا دلي أنظرن من المتكلم أحلى" قطوسة في أوسع شيكارة " من صنع نزار جمعة.
عزة : ( ساخرة) والله نحن نساء جاحدات .. إن وجدنا من يهتم بنا كرهناه ، وإن كان حظنا فيمن يهملنا كرهناه أيضاً .. على كل حال الرجال مخلوقات تستحق الكراهية ( متنهدة) بلا فائدة.
غادة : من التي تقول هذا عزه وشياطين بيروت أنسيتِ!!
عزة : أنتِ تخصص الشياطين والأبالسة يا ملعونة يا أجمل ملعونة ثم الرجال .. الرجال..كملح الطعام ،إن زاد كرهناه وإن قل إفتقدناه...هاه.
عزيزة : ( مقلده القصري ) يتمنعن وهن العاوزات.
( يرن هاتفها تأخذه وتقف تتحدث دون صوت بجانب المسرح ).
مها : المشكلة يا بنات أن أحياناً الهدف لا يكون الحب بقدر ما هو الإمتلاك ونزار يعشق الإمتلاك.
ولاء : ألم تمتلكي قلبه عندما زاركم في تونس منذ خمس أعوام وتيم بك وعاد بكِ زوجة له.
مها : لقد أحببته مثلما أحبني .. وضحيت بأشياء كثيرة أقلها الأماكن التي تربيت فيها وعشقتها .. ونصف ثروته إن طلقني ... ووحدتي في حياته إذا تزوج على.
غادة : أنتِ شاعرة مثله يا مها ؟
مها : تشكيلية.. كنت فنانة والآن زوجة نزار.
عزة : يعني عندك " لطشة " فن أيضا.
تغريد : ممسوسه بالفن يا شاعرة .. عزة شاعرة مثل زوجك ؟ ولكن أليس غريبا حقا موقفك السلبي هذا بعد ما حققته المرأة التونسية من إنجازات وحقوق حصلت عليها أكثر من أقرانها من باقي نساء العرب (تلمح إطراقة في وجه مها تصمت وتغير الحديث) أنا جائعة كِبة وتبولة .. أكلة شامية.. ما رأيكن؟
عزة : سأرسل أطلب لكم أكلة شامية من مطعم مجاور للفندق الذى نسكنه وإنما طيبة المذاق..أحببتها جدا.
تغريد : أنتن ضيفاتي يا سيدتي، سأتصل أنا لطلب ما ترغبن .. كنت سأضيفكم بيتزا .. لكن بلا بيتزا فليس هناك أجمل من المطبخ الشرقي..وأنتم ضيوفي ماذا تأمرون غير هذا؟
غادة : لم نعد ضيوفاً.
عزيزة : عنكن ، أنا سأترككن نصف ساعة وأعود بكل ما لذا وطاب.
نعيمة : لأين يا زيزي؟
عزيزة : ساعة لقلبك ( تغمزلها ).
ولاء : إن غاب الفأر.
عزيزة : القط يا أم حسن وحسين .. إن غاب القط إلعبي يا زيزي .. ساعة واحدة إربطن الحزام حتى أعود ( تلتفت إليهن) كِبة وتبولة ويالنجي ولبنة.. أيمشي الحال؟
كلهن : نعم.
ولاء : خربت اللعبة وهربت المخرجة ماذا سنفعل؟
عزة : نثرثر حتى تعود زيزي.. إلا إذا رجعت زيزت ( تشير لصدرها ) كله يركب فى ساعة.
تغريد : قولي لنا شعراً يا عزة من وحي سفرتك تلك.
غادة : الأبيات التي كتبتها فى الفندق أمس.
عزة : ( تتنحنح )
ها أنا أعود
قرنفلة فوق الحدود
دمى مستباح
لا وطن .. لا حلم
حزنى يرسم حدود السؤال
متى يضمنى دفء العيون ؟!
( تصفيق ثم يصمت الجميع فجأة على بكاء سلمى )
سلمى : آآه يا دمى المستباح.
عزة : سلمى .. أنا .. أنا ...
( لحظة ارتباك )
سلمى : أريد أن أرقص .. أطير .. أرقص.
( يوسعن لها دائرة مفتوحة .. يجلسن على الأرض وتؤدي سلمى رقصة تعبر عن حلمها بالعودة .. ثم أثناء الرقصة فى نهايتها صوت اثنان يهمسان ولتكن عزة وتغريد الصوت له رنين هادئ .. هامس ).
صوت عزة: أنها تحلق .. حالمة هى.
صوت تغريد: تهرب بالخيال من واقع مر.
صوت عزة: بمفردها أم مع عائلتها تعيش.
صوت تغريد: سلمى لا عائلة لها استشهدوا جميعاً .
صوت عزة: كلنا نهرب بالخيال .. أو بالضحك من واقع مر.
صوت عزة: سلمى .. سلمى .. أفيقى .
( إضاءة المسرح وعزة تحتضن سلمى )
( والجميع يصفق لها ).
سلمى : ( تفيق كمن تخرج من حالتها.. تنحنى فى ابتسامة كمن تحيى الجمهور..ثم تمد يدها لعزة ويرقصان معاً تانجو ثم تتوقفان ضاحكتين).
عزة : لو كان " البارتنر " رجلا أليس أجمل.
ولاء : عربى يا عزة ما أحلى العربي قولي شريك.
غادة : ألم أقل لكم أرستقراطية تعسه.. رددي ورائي قل ولا تقل شريك وليس "بارتنر" قولي.
نعيمة : لا بالله بلا شريك.
غادة : نعيمة ما قصد تغريد أنك مطلقة ونصف؟!
نعيمة : طلقت من زوجي الأول قضاء وقدر.
عزة : ألقيت عليه اليمين فى لحظة غضب.
نعيمة : أبداً .. أبداً هو الذى ألقاه فى وجهي كقنبلة غاز سام .
عزة : ( ضاحكة ) الحمد لله لم تفهم قصدي.
غادة : احكي يا نعيمة خلينا نعرف .. كفي يا عزة.
نعيمة : ولا شئ تزوجنا فى دولة خليجية، كان مدرساً وكان يريد أن أنجب له أطفالاً كثيرة .. وكنت أرفض هذه الفكرة، بعد الطفله الثانية استخدمت وسيلة لمنع الحمل دون أن يعرف ،وأوهمته أننا لم نعد ننجب ،وأن مجهوداته فى إخصابي هبااااااااااااء.
( تقولها وهى تضحك ثم فجأة تصمت )
وذات يوم أدرك سرى؛ فكانت قنبلته المقذوفة فى وجهي؛ طالق .. طالق ،ثم قال: يكفي أني إلتقط إمرأة "مشومة " من خرائب بيوتات كزبلانكا وأخرجني بلا أطفالي عن طريق الكفيل وإلى الآن لم أرى بناتي.
عزة : (مرتبكة) أوف عليكن نكديات حقاً.
نعيمة : قلت لك لست " مشومة " لست نكدية.
ولاء : اهدئى يا نعيمة .. تمزح معك.
نعيمة : بلا مزاح .. لا أريد أطفالاً أكثر من اثنين هذا حقي وتلك رغبتي..لقد كنا سبع أطفال وأبونا يركض طوال اليوم ليسد أفواهنا .. لست بقرة للإنجاب.
غادة : من حقك أن ترفضي الإنجاب وقتما تشاءين، أنا الأخرى لا أريد أطفالا إلا بشروط، هذا حقنا.
عزة : لا ليس من حقكن رفض نعمة جميلة، و إذا حدث فلابد أن يكون ذلك بالاتفاق مع الشريك.. الشريك يا نعيمة الذى ترفضين وجوده فى حياتك لا.. لا شئ إلا لأنك امرأة ضد إنوثتك.
غادة : هذا سخف يا عزة كفاكِ.
عزة : سخف، أنتن نساء مرفهات ترفضن الإنجاب .. يالله لا شئ إلا لأسباب عبيطة مثلكن ( صوت غادة ونعيمة تصرخان فى وجهها .. بينما يرن جرس هاتف عزة على نغمة بكاء طفل ثم ضحكنه فيقف الجميع صامتاً وبسمة على وجه غادة – فقط ).
عزة : ماذا حدث لكن، محمولى يبكى .. لدىّ صوت طفل على الأقل .. دون رضاع ولا حفاضات.
غادة : ( تضم عزة ) سامحينا لم تقصد جرحك .
سلمى : لم يقصد أحد جرح أحد، إننا مجموعة زهور فى لفافة واحدة ومليئات بالأشواك .
عزة : أشواك ، أسلاك .. هذا جو عنيف ضد فكرة سهرتنا الحريمى .. إلا إذا أردتن إثبات أن جلسات الحريم آخر نكد ( متداركه ) آخر شؤم على الطريقة المغربية .. ألم أقل لكن جلسة جافة .. أكملي يا نعيمة هذه طلقة (بووم). وماذا عن النصف إياك أن تكوني تزوجت نصف رجل .
نعيمة : بل رجل ونصف .. لم يكتفِ بى .. كل يوم امرأة .. حتى بعد أن تركنا المغرب وجئنا هنا قرر أن يحول قلبه لمقر الجامعة العربية وإذا اعترضت .... ( صمت ) مع أنه ملحق ثقافى بالسفارة المغربية هنا إلا أنه ..... (تشير بيديها علامة الصفع).
سلمى : يضربك .. ( تضمها ).
نعيمة : ( فى حركة راقصة تغني المقطع على طريقة الراب ) .
أنت خادع / جبان / أنت قاسى / وعنيد أغرتني بالحياة / وقلت مستحيل / قلت مستحيل راح تفقد الإحساس / أنت رجل السراب / ضاع منك الإحساس / وأنا .. أنا ... أنا ضعت وخلاص.
تغريد : وأخيراً وجدت من ينافسني.
نعيمة : وهل هناك من ينافس تغريد ربيبة " بيت ماري " وسهراته.
عزة : لم أفهم حتى الآن كيف أنت نصف مطلقة.
نعيمة : اعترضت عليه، وطلبت الطلاق ولكنه يخاف على مركزه أمام أعضاء السفارة والجالية المغربية، وعلى هذا قال لي: أنت نصف مطلقة افعلي ما يحلو لكِ، فقط حافظي على صورتي أمام الآخرين .. ومن هنا أصبحت أكثر نكداً له .. إمتاعاً لنفسي فى حدود أني نصف مطلقة.
غادة : وهل هذا منطق .. هذه ليست حياة.
عزة : إذا كانت لا تريد أولاداً ولا تريد زوجاً فهذه حياة مناسبة، زوجة دبلوماسي .. جميلة تفعل ما يحلو لها ولكن إلى أى مدى ؟
نعيمة : إلى المدى الذى ذكره جان جاك رسو: صوت الحب عند المرأة أقوى من صوت الضمير.
عزة : لم أفهم ؟
نعيمة : إذا قابلت الحب ولو صدفة وطلبت الطلاق ولم أحصل عليه، فما الذي يجعلني أحافظ عليه .. إنه يُهدر كرامتي كل يوم مع امرأة ويمسك بي لإذلالي، فما الذي يجعلني أضحي بحبي وسعادة قلبي .. فليكن النكد حليفه والسعادة حليفتي.
ولاء : نعيمة أنا أرفض هذا الفكر .. عودي لبلادك وأرفعي ضده دعوى، ولكن لا تظلي هكذا فإن لم يكن مخلصاً لك كوني مخلصة أنت له حتى تطلقي.
عزة : يقول توفيق الحكيم فى مقولاته الشهيرة : إن المرأة لا تذكر كلمة الإخلاص إلا إذا ذكر الرجل كلمة الخيانة، وهذه طبيعة من تلقت درسها الأول فى الجنة والثانى من الشيطان . نحن مدانات وإن لم نفعل ولا أظن نعيمة خانت يا عزيزتى..(لنعيمة) إن فعلت فقد خنت نفسك فهو لا يستحق حتى الخيانة .. الرجل الذي يمسك امرأة غصب عنها لا يستحق أن تخسري نفسك عليه.
( الجميع مصفقات لها )
نعيمة : سأريك صورته على تليفوني مع امرأة يقبلها فى السيارة..نقلتها لى صديقة.
(تفتح المحمول الذى اغلقته وتريها الصورة)
عزة : أوه ... نو ... نعيمة لا تحزني عليه فهذا الرجل لولا أنك أشرتِ عليه لم أكن لأراه .. هل تزوجته على أن يستكملوه لك فيما بعد ؟!
غادة : كفى يا أرجوز.
نعيمة : (ضاحكة) الحمد لله أنه لم يكتمل وإلا ماذا كان فاعلاً أكثر من هذا ؟!
( يرن التليفون بين ايديهن .. ينتفضن جميعاً ويلقين به أرضاً .. ويغرقن فى موجة ضحك )
عزة : ( تنظر للمحمول حتى ينتهى من الجرس ثم تقول )
هناك نادرة قرأتها عن المازني يقول عن نفسه: عندما كنت أقود السيارة كان الناس يعتقدون أنها تسير بمفردها أو أن عفريتا يقودها . فلم يكن يبين من خلف مقود السيارة .. ويبدو لي أن زوجك إذا طلقك فهو لا يقدر إلا على نصف طلاق .. مسألة حجم لا أكثر فلم يكتمل عقله كجسده ولهذا لم يستطيع إلا على نصف طلاق.
ولاء : ( لغادة وهى ضاحكة) مثقفة.
غادة : (ساخرة ) جداً.
تغريد : بتاخد العقل.
غادة : نعم بلا عقل.
عزة : أعقلكن أن .. منذ دقائق أغلقت على مكالمة زوجى وهذه نادرة ..فهو ينسى أنه تزوجني إلا فى حالة واحدة فقط عندما تهبط عليه ثروة جديدة، يخبرني ليفرح هو وليؤكد أننا قاربنا على التساوي .. ومع ذلك(تنظر لغادة) لن أتركه.
سلمى : تحبينه؟
عزة : جداً .. ولكن ليس فقط .. أعلم أننا كلنا عيوب فإن لم يكن عيب زوجي الواضح لي كان غيره، والعيب الذي تعرفينه خير من الذي لا تعرفينه.
( يرن محمول نعيمة .. لا ترد )
تغريد : لماذا لا تردين أنت الأخرى؟!
نعيمة : هو زوجي ولن أرد عليه لقد أتصل اليوم سبع وخمسين مرة ولن أرد .
ولاء : لماذا ؟
نعيمة : لأنني أعرف لماذا سيجن..لقد تركت له البيت اليوم، وتركت له رسالة بأننى سأهرب مع رجل آخر، ألم يقل لى أفعلى ما تشاءين.
عزة : وهل هناك رجل ؟!
نعيمة : ( صامته ثم مطرقة ثم فى تحدِ ) .. لا
( طرقات عنيفة على الباب تدخل عزيزة راكضة ).
عزيزة : نعيمة قابلت الهادى تحت البناية، يهدد بقتلك إن وجدك .. ألم أقل لك لا داعى للعنف معه.
ولاء : اتصلى به أخبريه أنكِ معنا وأنه لا رجال..أقصد لا يوجد رجل معك.
نعيمة : لا تخفن لن يستطيع أن يصعد إلى هنا؛ هو أجبن من ذلك .. لا تخفن (تجلس)
أين الطعام يا زيزت.
عزيزة : هل هذا وقت المزاح.
نعيمة : هذا وقته ولن أجد وقتا أنسب من ذلك..سأتركه يحترق مثلما أحترقت .. مرة واحدة يحترق فيها أين الطعام ..أم أنك نسيتي يا قطوسة ماكرة.
تغريد : سأطلب الشرطة تحميك.
نعيمة : بلا تخاريف.
ولاء : انتظري يا تغريد لدى خطة.
سلمى : فسدت السهرة.
عزة : (ساخرة) والله .. أخيراً نزلت لأرض الواقع حمد لله على السلامة.
سلمى : سأعد أنا الخطة .. تعلمت فن الهرب من العدو فى الليالي المعتمة والقمرية اسمعن أيتها السيدات الخطة.
سلمى : تتصل نعيمة بالهادي وتخبره أنها عادت للبيت ولم تجده وتسأله أين هو.
نعيمة : ثم ؟
سلمى : لا تقاطعي .. ثم ننزل جميعاً معها إلى السفارة المغربية ، ونتصل به ليأتي هناك ونناقشه، فقط على إحدانا أن تتأكد أنه قد غادر البناية
( تنظر لعزة ) ممكن عزة لأنه لا يعرفها.
عزة : وكيف أعرفه هل سيضع وردة حمراء فى عروة المسدس.
سلمى : لا تستخفي بالخطة لقد سخرت منه منذ قليل .. بحلقي داخل السيارة ستجدين شاباً وسيماً قصيراً فى سيارة سوداء فخمة .
غادة : لا الأفضل لو ننظر من الشباك ونتأكد من رحيله ثم ننزل مرة واحدة .
تغريد : لا يوجد شباك يطل على الشارع الرئيسي.
عزة : إذن ســ...
(طرق عنيف على الباب الجميع ينزعج)
تغريد : من ؟
( الطرق يزيد يرتفع أعلى .. أعلى .. أعلى)
إظلام
المشهد الرابع
المكان : كافتريا المطار .. تجلس ولاء وعزة وتغريد وبجوارهم الحقائب ... غادة تتحرك على محلات الهدايا .
ولاء : لا تغيبوا عنا يا عزة .. نعرف أنها صداقة سريعة لكننا أحببناكم.
عزة : لم تعد سريعة أننا نعرف عن بعضنا الأن أكثر مما يعرفه عنا أزواجنا .. المهم متى تأتون لمصر.
تغريد : أمنية عيني .. أغني بمصر والهرم خلفى ياه .. أم الدنيا وأختها وبيها هى كل شئ وحلم كل فنان.
عزة : حبنا لسوريا ولبنان لا يقل عن عشقكم لمصر.
(جرس تليفون غادة يرن تخرجه من حقيبتها يأتي صوت خالد)
صوت خالد : أين أنتم يا غادة .. ذهبت إليكم فى الفندق وعرفت أنكم غادرتم .. أأنتم بالمطار؟
غادة : نعم نغادر الآن بعد قليل.
خالد : بلا سلام .. بلا كلام هكذا لم ألتقيكم منذ ثلاثة أيام .. لم تهربين مني؟
غادة : هروب .. لماذا هذا المسمى العنيف لم أهرب ومم ؟!
خالد : لا أدري .. لكنك مؤكد تهربين .. منذ أن ...
غادة : منذ ماذا تكلم ( بخوف ) تكلم هل حدث شئ ؟!
خالد : أنت تعلمين ما حدث !!
غادة : يا باشمهندس لم يحدث شئ ولن يحدث شئ.
خالد : نعم لم يحدث ولكن لماذا لن مؤكد سيحدث لقد خُلقت الشرارة ومن يستطيع أن يطفئها .. فلا تقولي لن يحدث فهذا يعلمه ربي .. لقد عشت معك لحظة لم أعشها.
غادة : ( تقاطعه ) ماذا تريد مني ؟
خالد : وهل طلبت منك شيئاً .. بالمناسبة سأذهب لمصر بعد أسبوع .. هل سأراك هناك ؟
غادة : ( صمت )
خالد : سأكون هناك يوم السبت وسيكون معي هذا الرقم الذى اتحدث منه .. مؤكد سترغبين فى الترحيب بي فى بلدكم .. مؤكد أنت إنسانة كريمة كفيض عينيك بهذا الحب المتكبر.
غادة : ( صمت )
خالد : سألحق بكم فى المطار حالاً أريد أن أرى تعبير وجهك الرقيق قبل أن تهربي .. حالاً
( يغلق الخط ).
غادة : (تعود متوترة للطاولة التي عليها عزة ..التي تضحك مع ولاء وتغريد).
عزة : أنا حتى الآن غير متصورة ما حدث بالأمس كأنه حلم، هروب وجري بالشارع ومطاردة
( ضاحكة بصوت عال ) الكارثة فى هذا الهادي يدور ويعشق كل يوم واحدة ويصل به الأمر أن يعطي لزوجته أمر بالانفلات في حدود المحافظة على كرامته .. ليس معقولا ما يحدث ثم يغضب من رسالتها هذا الغضب.
ولاء : مشكلة الهادي أنه خاف من أن يعرف الناس، ليست مسألة كرامة .. هو بلا كرامة.
تغريد : هذا شخص لا يطاق كيف تعاشره هذه المسكينة!!
عزة : هو نفسه لا يطيق نفسه، مسكين يا ترى كيف يعيش معها وهو لا يحتملها؟!
ولاء : من هى ؟
عزة : نفسه، شكله يكرهها كراهية " شبرلوجى ".
تغريد : ماذا ؟
عزة : مصطلحات هندسية سأدخل الشبر دائرة الحوار العلمى .. بمعنى آخر يا فنانة يكره كل شبر فى جسده إضربى معى ( تصمت برهه ) عموماً المسألة ليست كبيرة جداً فهو مجرد شبرين .
( فجأة تلتفت تجد غادة صامته مأخوذه )
عزة : ماذا بك .. الهدايا غالية لهذه الدرجة .. عموما ممكن جداً الطبقة الارستقراطية تسكب القليل من فرط يديها على الطبقة البرجوازية.
غادة : هيا ندخل صالة الانتظار بالداخل أخشى أن نتأخر.
عزة : لماذا.. سنركب " ميكروباص العتبة " لم يأت موعد الوزن بعد، أجلسي معنا دعينا نغتنم الدقائق القليلة القادمة فى الضحك، أقسم لكن يا بنات لم أضحك من قلبي مثلما ضحكت معكما بالأمس ( تمد يدها تشد غادة لتجلسها )
ولاء : ولا نحن يا عزة.
تغريد : ( تنظر ) للساعة .. يبدو لى أن باقي البنات لن يلحقن بكما لوداعكن.
عزة : أفضل ليس لدي القدرة على الجري اليوم يكفي الأمس.
ولاء : ( ضاحكة ) كلما تذكرت كيف لحق بنا عند سلم الخدم وكيف صرخت نعيمة: ( مرحبا هاديً ).
( ضاحكات ما عدا غادة )
عزة : وبعد هذا كانت الصدمة ( تنهض تقلده وتثني ركبتها وتتكور قليلاً )
نعيمة لا تتركني.. أحبك يا نَكايدية ..والله أحبك.. سامحيني فرصة أخيرة نعومتي.
تغريد : أما مها فكانت فلتة الليلة( تقلدها منتفضة )
ع السلامة بالسلامة ستكون علاقتي بكم هكذا بعد الآن .. ع السلامة بالسلامة.
عزة : على طريقة " باي باي شلة " مها من النوع السلبي الذى يترك حياته للظروف .. وها هى لم تكمل مشوارها الفني ولا مشروعها الإبداعى، فقط لتعيش فى كنف رجل.. فلماذا نلومه هو .. سلبيتها دفعتها لاعتقال حريتها .. العصفور الذى لا يحلق من السهل جداً حبسه فى قفص.
( ضاحكات ) وياليتها تحتمل القادم فالشعراء يملون سريعاً .
ولاء : ما بك يا غادة !
غادة : لا أحب لحظات الوداع .. أود الهرب من تلك اللحظة هيا ندخل.
تغريد : ضقت بنا.
غادة : لا .. لا واللــ
( يرن هاتف ولاء )
ولاء : ألو أهلاً د. خالد .. بالكافتريا .. نعم .. نعم .. نعم .. سننتظرك مع السلامة ( تغلق الهاتف ) د. خالد آت ليحييكم بنفسه.
عزة : ( ناظرة لغادة ثم ولاء ) أحكي يا ولاء عن خالد قليلاً لنعرفه أكثر .. غير أنه مهندس فى شركة بترول ومتزوج .
ولاء : مطلق منذ خمس سنوات ولديه ولد وبنت الله يبارك فيهما .. لا يطعم شئ إلا ويحملة إليهما .. وينفق ببذخ عليهما وعلى أمهم طليقته حتى لا تحتاج لأحد.
غادة : ولماذا طلقها ما دام ينفق عليها ولا يريدها محتاجة لغيره ؟!
ولاء : فقط استحالت الحياة بينهما هى غيور جداً وهو رجل مهذب له الكثير من العلاقات الاجتماعية برجال ونساء .. أيضاً كان زواجهما تقليدياً.
عزة : المرأة لا تغار إلا على من تحب فقط .
ولاء : زوجها لابد أنها أحبته .
عزة : ليس ضرورة .. فالزواج ليس جواز المرور لقلب المرأة .. قد تحب المرأة ولا تتزوج بمن تحب وتخلص لزوجها فهذا حقه عليها أما قلبها فمن يملك سلطانا على قلبه ؟!
تغريد : ها أنت أخيراً تتكلمين لغتي .. لا سلطان على القلب .
غادة : لا هناك سلطان .. دائماً تنتصر الأعراف.
ولاء : يبدو أننا نملك نغمة واحدة أنا وأنت أيضاً يا غادة.
عزة : لكن خالد يبدو عليه أنه ممن ( ضاحكة ) أكلوا السمكة حتى ذيلها وليس مقطعها فقط.
ولاء : هكذا يعتقد الجميع .. حتى أنهم لدينا في الشركة يقولون د/ خالد له كل مؤتمر علاقة ( تنظر لغادة ) ولولا أنني مرافقتك يا غادة لصدقتهم .. لقد قالوا عندما شاهدو نظرات خالد لغادة: هذا العام هو دورة مصر .. ومن يستطيع مقاومة نساء مصر الفراعنة .. هم سحرة بهم شراسة ورقة وجاذبية تفوق نساء العالم.
غادة : وهل أنا ساقطة حتى يقال عني كلام كهذا (غاضبة) هيا يا عزة .. دعينا ندخل للصالة الداخلية قبل أن يأتي ليؤكد كلامهم.
ولاء : عفواً يا غادة والله ما قصدت مضايقتك أمزح معك .. أردت أن أدلل على أن خالد مظلوم فيما ينسب إليه، ودليل براءته قولهم هذا، ونحن لم نتفارق لحظة منذ وصلت.
غادة : لا أريد دليل براءة لي أوله فلست متهمة .
ولاء : ولا هو.
غادة : مالي به .. مدان .. مظلوم .. مالي به (بعصبية) هيا يا عزة.
عزة : (ضاحكة) يا رب خذ عزة وأرح غادة .. اهدئي أنت مهندسة .. أين الرسم (مداعبة لها) الرسم يا باشمهندسة.
غادة : كفانا إهانات يا عزة نساء مصر (بروستتيوت) داعرات فى نظر العرب.
عزة : اهدئي ياغادة لم يقل أحد هذا ولا يجرؤ أحد.
غادة : وتلميحاتهم وهذا الخالد الذي يظن نفسه مخترقا حتى الأحلام (باندفاع أكثر وعصبية) لن ينال مني حتى التفكير بعد الآن.
( الجميع ينظر إليها.. وهى تتصل هاتفيا بأحد)
غادة : د. خالد أرجوك عٌد لا تأتي .. نحن راحلتان بلا وداع أو سلام ولكن بمنتهى الأحترام كن على راحتك .. طارد من تشاء وغازل من تشاء.
عزة : (تخطف الهاتف من يدها) أهلا د. خالد نحن شاكرتان لك حسن الضيافة .. لم يبق الكثير لتأتي إلينا سنرحل حالا نراك بمصر إن شاء الله لا .. هى فقط متوترة ترتيبات السفر والمغادرة والفراق .. اعتذر نيابة عنها .
غادة : ( تجلس على المنضدة مأخوذة تنظر لمن حولها وتتحدث كمن يكرر قولا لا يريد أن ينساه): على المرء إذا اخطأ السبيل أن يصحح المسار .. على الإنسان تغيير القطار قبل فوات الأوان.
صوت خالد: إن التافهين من الناس هم فقط الذين يؤمنون بالحظ والمصادفة . هكذا قال إبسن.
غادة : لا حظ ولا مصادفة .. حقائق فقط . الرجل الحلم ليس موجودا إلا داخلنا فقط (تنظر لعزة) نعم فتحت صدر قميصي لرجل آخر فى الحلم ولن أنتظر حتى يتحول الحلم لواقع .. لن يسحقنى خوفى من مجتمع بائس يئد المطلقات فى آتون تخلفه .. لن أعيش فقط من منطلق ظل رجل ولا ظل حائط.
(تقف عزة وتقترب منها .. ينطفىء النور إلا عليهما)
عزة : ماذا تقصدين!!
غادة : ما أسهل أن يخطئ الإنسان فى الخفاء دون أن يعرف الناس ولكن كيف سيختبئ من ذاته .. قتلني الحلم يا صديقتي.
عزة : أكان خالد رجل الحلم؟!!
غادة : هو من عرى وهمي وكشف ستر أيامي الزائفة مع زوجي.
عزة : مجرد حلم.
غادة : بل مكاشفة .. ضوء أنار الظلام الذي عشت فيه عشر سنوات.
عزة : سنعود لمصر ويعود كل شئ لطبيعته .. لا تحزني.
غادة : لن أعود.
عزة : ماذا ؟!
غادة : لن أعود إليه.
عزة : عشقت خالد إلى هذه الدرجة؟!
غادة : لا .. ليس خالد .. خالد مجرد ضوء كشف لى نفسى الهاربة طول الوقت .. ليس خالد.
عزة : من إذن؟!!
غادة : لا أحد لكنني لن أكمل فى نفس القطار مع رجل نسى أن المال والشهرة والنجاح بلا قلب دافئ لا قيمة لها.
عزة : ( منصرفة عنها) لو كل النساء فكرت كما نفكر لن تبقى امرأة مع زوجها ويصبح كوكب المطلقات مؤكد هناك اسباب مختلفة لبقاء النساء مع الرجال.. غير الأحتياج المادي ،وهناك دوافع تجعل الرجل يبتعد ويهرب أو يختبئ خلف اشياء أخرى ولابد أن نجد الحل الطلاق ليس حلا.. والهروب ليس حلا.
( ترن أجراس مختلفة لرنات المحمول . تنصرف كل واحدة مع تليفونها فى وقت واحد)
ولاء : أهلين .. أمي .. سأعود حالا .. سأمر على الأولاد وآخذهم معي .. حاضر فقط تفاح وخبز وحليب .. سأصل قبل الساعة.. مع السلامة.
تغريد : لا .. ما بقدر عندي حفلة بدمشق .. الخميس بحمص .. أوه كان بدي ....ولو بتؤمرفؤاد بك.
عزة : وأخيرا .. هل سأراك عندما أعود أم أنك ... وأنت أيضا.... أكثر من الدنيا ... يمكن . قد الشيكولاته ... لا تغضب أنت أغلى عندى من شنطة تمساح .. حقا مازلت تتذكر .. بحبك .. بحبك..
غادة : جرس . لا ترد .. جرس لا ترد ... لا ترد .
(. تخفت الأصوات ويعلو صوت المذيعة الداخلى تعلن عن الرحلة)
صوت المذيعة : على الركاب المسافرون التوجه لبوابة المغادرة.
ستار
أكتوبر 2008
صـدر للكاتبـة
• أجنحة البوح (مجموعة قصصية مشتركة) سلسلة كتاب الجيل الجديد 2000
• للنساء حكايـات (مجموعة قصصية) إشراقات جديدة- الهيئة المصرية العامة للكتاب 2001
• رُبع رجُل (مجموعة قصصية) الهيئة المصرية العامة للكتاب 2001
• كافرة (ديوان شعر) سلسلة كتاب الجيل الجديد 2004
• الإنسان أصله شجرة (مجموعة قصصية) الهيئة المصرية العامة للكتاب 2005
• وجع دافئ (نثر فنى) إتحاد كتاب مصر 2007
• على جدار الروح (منمنمات) القاصد للطبع والنشر 2007
• في هجاء الزوجات (دراسة في الشعر العربى)المجلس الأعلى للثقافة 2008
تحت الطبـــــع
- رجـال غـالية (روايــــة)
- بنــات الحــاج (روايــــة)
- الصراحة.. لعبة النساء (مسرحية)
- السيدة البومة (مسرحية للأطفال)
- الحصان الأسود (مسرحية)
- على جدار الروح (ديوان)
- عائلات ثقافية فى مصـــر (دراســـة)
b
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق